-البرج ٢٠ دور.. والدور الواحد فيه شقتين، كل شقة فيها تكييف واحد، يعني بحسبة بسيطة كده، معاكوا اربعين تكييف هيتعملهم صيانة.. ومافيش أي شغل تاني هتبتدوا فيه قبل ما تخلصوا صيانة الاربعين تكييف دول.
قربت منه انا ومدحت اللي قال له..
-طب احنا كده يا فندم هنخلصهم في وقت كبير.. احنا محتاجين ولا اربعة كمان معانا عشان ننجز.
قرب مننا وادانا المفاتيح وهو بيرد على مدحت..
-ما انا قولتلك إن بقية زمايلكوا مش فاضيين الاسبوع ده.. وعلى العموم يا سيدي.. بعد اسبوع، هبعتلكوا فني ومساعد يساعدوكوا، وفي خلال الاسبوع ده عاوزكوا تنجزوا، المشتري الجديد للبرج عايز يبدأ يأجر الشقق في اقرب وقت.
خدت منه المفاتيح واديتها لمدحت وانا ببص للبرج من تاني بيأس..
-والمطلوب إننا نخلص كام تكييف في الاسبوع ده؟!
-على قد ما تقدروا.. يعني لو كل واحد فيكوا خدله تكيفين ولا تلاتة وخلصهم في يوم، يبقى كده ممكن تخلصوا البرج كله في اسبوع اساسًا.. ووعد مني، لو خلصتوا الشغلانة دي من غير ما تحتاجوا لمساعدة حد من زمايلكوا.. هديكوا مكافأة كبيرة اوي، شهر زيادة فوق المرتب العادي.
اول ما قال لنا كده بصينا له بسعادة، وقبل ما اتكلم ولا اقوله اي حاجة، كان مدحت هو اللي رادد عليه وقايل له..
-يا سلام.. عنينا ياريس، احنا هنشتغل ليل ونهار لحد ما نخلص صيانة تكييفات الشقق كلها لوحدنا.. اه، ماهو طالما فيها فلوس، يبقى على بركة الله.
ضحك المدير وسابنا ومشي، بعد ما ادانا ميدالية المفاتيح الكبيرة اللي فيها مفتاح الشقق ومعاهم مفتاح البرج، خدنا المفاتيح والعدة وطلعنا لأول دور.. السلالم كانت ضلمة والظاهر كده إن نورها مقفول!
وقفت قصاد مدحت وقولتله..
-ادي اول شقتين، هندخل الأول نبص على التكيفات ونشوف حالتها ايه، لو محتاجة تنضيف بسيط وشوية ترويق كده يخلصوا بسرعة.. كل واحد فينا هيشتغل في شقة لوحده.. ولو التكيفات عدمانة خالص ومحتاجة شغل كتير، ساعتها احنا الاتنين هنشتغل في تكيف تكيف لحد ما نتعب.
سمع مدحت كلامي وهز راسه وهو بيطلع موبايله من جيبه..
-فل يا عم محمود.. خلينا بس الأول نشوف مفتاح الشقتين فين..
شغل نور الكشاف وبص في المفاتيح..
-كل مفتاح مكتوب عليه رقم، ده المفتاح رقم ١.. وده رقم ٢..
كده بص على أبواب الشقق وهو بيوجه نور الكشاف ناحيتهم..
-وادي الشقة رقم ١.. وقصادها الشقة رقم ٢.. نبدأ بأنهي واحدة؟
قربت من باب الشقة الأولى ونزلت العدة قصادها…
-هنبدأ بدي.. أول شقة.
قرب مدحت وفتح الباب ودخلنا، الشقة من جوة كانت متشطبة وحالتها كانت كويسة جدًا، وكمان الأنوار كانت شغالة وكل حاجة كانت تمام، فتحنا الأنوار وابتدينا نبص في الأوض لحد ما وصلنا للأوضة اللي فيها التكيف، وشهادة لله يعني.. التكيفات حالتها كانت كويسة، الظاهر كده انها راكبة مابقالهاش كتير.. بس طبيعي يعني إن كان جواها تراب وماكانتش شغالة بكفاءتها المعتادة، فابتديت اشتغل انا ومدحت، كل واحد فينا على تكيف.. خلصنا الدور الاول والتاني والتالت وكمان الرابع، ومع طلوعنا للدور الخامس، او بالتحديد يعني اول ما كل واحد فينا دخل شقة من الشقتين اللي في الدور.. ابتدينا نحس بحاجات غريبة، ولحد هنا خليني اقولك اللي حصلمعايا وبعد كده هحكيلك اللي حصل مع مدحت مع الإحداث.
انا اول ما دخلت الشقة ونورت اللمبات اللي فيها وابتديت اشتغل في التكيف، ابتديت الاحظ حاجة غريبة.. أنوار الشقة ماكانتش ثابتة زي الشقق اللي قبل كده.. نور الشقة دي كان عمال يترعش بشكل غريب ومش منتظم!
ماهتمتش وقولت في بالي إن جايز تكون الكهربا بالليل بتبقى مش منتظمة في المنطقة ولا حاجة، وعشان كده يعني الأنوار مش ثابتة!
لكن الموضوع ماوقفش لحد هنا.. انا من بعد ما ابتديت في تنضيف التكيف بدقايق، ابتديت اسمع من برة الشقة صوت عياط، كان صوت عياط لطفل صغير ماقدرتش احدد مصدره بالظبط، انا بس كنت سامعه جاي من برة الشقة، وعشان كده سيبت اللي في إيدي وخرجت عشان اشوف الطفل اللي بيعيط ده بيعيط ليه، ولا دخل العمارة ازاي من اصله!
النور برة الشقة كان مطفي كعادة كل الادوار، لكن الغريب جدًا بقى هو الاسانسير اللي نوره كان شغال وهو واقف في الدور اللي احنا فيه وكأن حد لسه مستخدمه حالًا.. والأغرب من ده كله، إن صوت عياط الطفل كان جاي من الأسانسير!
قربت منه وفتحت الباب، ومع فتحتي لباب الأسانسير، الصوت بقى أبعد وحسيت إن في نفس حد ورايا!
-الله يخربيتك يا شيخ، مش تتنحنح ولا تعمل اي حاجة، قطعت خلفي الله يقطع خلفك!
مدحت كان بيسمعني وهو ساكت، بلع ريقه وقرب مني بالراحة وهو بيقولي بخوف..
-سسس سسسامع.. سامع صوت العياط اللي جاي من فوق؟!
كان بيشاور بصباعه لفوق، دخلت الأسانسير وشاورتله..
-تعالى نطلع ونلف على الادوار، لا يكون عيل دخل وطلع لدور من الأدوار ولا حاجة.
بس مدحت مادخلش، مدحت قرب مني وقال لي وهو باين في عينيه القلق..
-والعيل ده هيدخل ازاي وانا قافل الباب اللي تحت بالقفل، البرج ده فيه حاجة مش مظبوطة يا محمود.
سحبته من إيده وانا بقوله بتريقة..
-يا عم ماتحورش بقى.. لو في حاجة مش مظبوطة في المكان، فهي بالتأكيد دماغك، اركب يا عم وتعالى خلينا نشوف العيل اللي بيعيط ده بيعيط ليه، ولا طلع ازاي لفوق من أساسه.
واول ما مدحت دخل، باب الأسانسير اترزع وراه، ومن غير ما ندوس على أي حاجة، ابتدا الأسانسير بطلع من الخامس للسادس للسابع للتامن للتاسع.. ووقف لوحده عند العاشر!
-مش قولتلك.. وربنا المكان ده فيه حاجة مش مظبوطة، انا وانا شغال في التكيف اللي في الخامس، كنت بلمح خيالات بتعدي بسرعة ورايا، ولما كنت ببص ماكنتش بلاقي حد.. ده غير الخبط والترزيع اللي كانوا جايين من ناحية حمام الشقة، وختمت بقى بصوت العيل اللي بيعيط ده.
بعد ما مدحت قال اللي حصل معاه بسرعة كده، دوست على الأسانسير وانا بقول له..
-احنا اول ما طلعنا صوت العيل سكت.. ده غير إن الأسانسير اتحرك لوحده وانا متأكد إنِ مادوستش على أي زرار.. الظاهر كده إنك معاك حق.. البرج ده فيه حاجة مششش..
سكتت فجأة لما لقيت باب الأسانسير اتفتح، وده معناه إن كل الزراير اللي كنت عمال ادوس عليها دي مش شغال، وبعدين ازاي يعني باب الأسانسير يتفتح لوحده من غير ما حد فينا يقرب ناحيته.. ده كأن في حد او في حاجة في العمارة دي هي اللي بتتحكم في الأسانسير… او جايز تكون بتتحكم فينا احنا وعايزانا نشوف حاجة احنا بنحاول نهرب منها!
فضلت ساكت لثواني، بعدهم مدحت بص لي وقال لي وهو بيتهته..
-الصو صو الصوت.. الصوت اللي برة.. في باب شقة مفتوح وعمال يزيق.
ركزت مع الصوت اكتر، وساعتها اكتشفت إن مدحت معاه حق، ومش بس صوت التزييق هو اللي كان مضايقني او كان مخليني قلقان ومتوتر.. انا اللي قلقني ووترني اكتر هو صوت عياط شخص.. بس مش طفل صغير زي ما كنا سامعين في الاول، ده كان صوت عياط راجل كبير!
مديت رجلي برة الاسانسير وابتديت اتمشى بالراحة، لكن وقتها مدحت شدني من التيشيرت بتاعي..
-انت هتتنيل تروح فين.. لا يكون حرامي ولا عفريت ويجرالك حاجة، ارجع اقف جنبي هنا وحاول تقفل الباب وخلينا ننزل زي ما طلعنا.
بصيت ناحية مفاتيح الادوار اللي جوة الاسانسير وانا بقوله..
-وهننزل زي ما طلعنا ازاي بقى يا فالح، ما انت شايف اهو إن الزراير مش شغالة، يعني احنا دلوقتي عشان ننزل.. لازم نخرج من الاسانسير وننزل على رجلينا.. تعالى وجمد قلبك، انا اول ما هخرج هنزل على السلالم على طول.
اتشجع مدحت بسبب كلامي وخرجنا من الأسانسير، ومع خروجنا بخطوات بطيئة، لفت نظرنا شقة من الشقتين بابها مفتوح.. بس لا لا لا.. ده الدور ده كان في باب واحد بس، يعني الشقتين اللي فيه مفتوحين على بعض عشان يبقوا شقة واحدة وبباب واحد!
وكمان لفت نظرنا جوة الشقة دي راجل عجوز.. كان شكله واضح اوي لأن نور الشقة كان مفتوح، عينيه كانت سودة ومبرقة للأخر لدرجة إنك اول ما تبص لها تحس إنها هتخرج برة وشه.. والمصيبة الكبيرة بقى هي منظره وهو قاعد في أرض الطرقة اللي ورا باب الشقة المفتوح، كان قاعد ومربع وعمال يهز دماغه شمال ويمين.. واللي خلى مدحت يصرخ بصوت عالي هو الدم اللي ابتدى ينزل من رقبة الراجل!.. ايوة، الراجل ده كان مدبوح ورقبته عمالة تنزف بغزارة!
وعشان كده بسرعة سحبت مدحت من إيديه ولسه هنلف وننزل جري على السلم، بس وقفنا.. وقفنا قبل ما ننزل لأني انا وهو لمحنا بطرف عينينا جوة الأسانسير تلات إطفال.. ولو هتقولي انت عرفت إنهم اطفال منين لأنك لمحتهم لمحة سريعة، فانا هقولك إن طولهم وشكلهم وصوت ضحكاتهم الغريب، خلوني عرفت كويس إنهم اطفال، وكمان خلوني ركزت معاهم عشان اشوف ملامحهم.. وشوشهم كانت شاحبة واجسامهم كانت عمالة تتهز شمال ويمين وكأنهم بيترنحوا وهم واقفين في مكانهم!
في الوقت ده اتأكدت إن كل اللي بيحصل لنا او بنشوفه هو شىء غريب ومالهوش اي تفسير.. مسكت ايد مدحت بقوة اكبر ونزلت انا وهو جري على السلالم، وفضلنا نازلين جري لحد ما وصلنا للدور الخامس، والمصيبة الاكبر بقى إننا لما وصلنا للدور اللي كنا شغالين فيه. لقينا التلات عيال اللي كانوا في الأسانسير دول.. واحد منهم كان واقف جوة الشقة اللي انا كنت بشتغل فيها، والتاني كان جوة الشقة اللي مدحت كان بيشتغل فيها، والطفل التالت كان فين بقى.. الطفل التالت كان ورانا بالظبط، وكأنه كان نازل ورانا على السلم!
اول ما حسينا بيه ولفينا وشوفناه، انا ومدحت ماحسيناش بنفسنا، احنا طلعنا نجري على السلالم لدرجة آننا خدنا الخمس أدوار في ثواني لحد ما وصلنا عند باب البرج اللي كان مقفول، طلع مدحت المفاتيح من جيبه بسرعة وهو متوتر ومرعوب طبعًا بسبب المناظر اللي شوفناها فوق، وكمان بسبب أصوات الضحك والعياط اللي كانت بتقرب مننا وكأنها بتجري ورانا من فوق لتحت!
فتح مدحت الباب بسرعة وخرجنا وقفنا في الشارع واحنا بنترعش من الخوف!
-ايه ده.. ايه ده.. ايه اللي شوفناه فوق ده يا محمود، الراجل.. الراجل كان مدبوح وصاحي، والعيال الصغيرة دول شكلهم ميتين، والاسانسير.. الاسانسير اتحرك لوحده و..
قطع كلام مدحت صوت راجل جه من ناحية البرج او العمارة اللي قصادنا بالظبط على الناحية التانية..
-انتوا فتحتوا الباب ده ازاي، انتوا حرامية ولا انتوا..
قاطعته قبل ما يقول اي كلمة تانية..
-يا سيدي لا حرامية ولا نيلة، احنا فنيين التكيبف وكنا بنعمل صيانة لتكيفات البرج، بس اتأخرنا في الشغل شوية وبعدين انت مين اصلًا..!
الراجل ماكنش مركز معايا وانا بتكلم.. الراجل كان مركز مع مدحت، او بالتحديد يعني مع بنطلون مدحت، بصيت ناحية البنطلون اللي الراجل كان بيبص عليه وساعتها اتفاجأت.. مدحت من الخوف ماقدرش يستحمل وتبول على نفسه!
قربت منه وحاولت اداريه وانا بقول للراجل..
-احنا خلاص خلاص.. خلاص خلصنا شغل و..
وقبل ما اكمل كلامي اتدخل الراجل وهو بيبص لمدحت وبيبص لي..
-انا بواب البرج اللي قصادكوا ده.. شكلكوا شوفتوهم.. تعالوا عندي في الأوضة، تعالى انضفلك البنطلون بتاع صاحبك، واعملكوا حاجة تشربوها تهديكوا شوية بعد اللي شوفتوه.. والله انا ما عارف انتوا ايه اللي خلاكوا تشتغلوا بالليل في مكان اغبر زي ده.
سمعنا كلام الراجل وقفلنا الباب، وروحنا معاه لأوضته اللي في الدور الأرضي جوة البرج اللي قصاد البرج اللي بنشتغل فيه، وبعد ما دخلنا والراجل خد بنطلون مدحت ينشفه وجاب له جلابية يلبسها عقبال ما بنطلونه ينشف، بصيتله باستغراب اوي وسألته..
-احنا لما كنا برة قولتلنا شكلكوا شوفتوهم!.. هم مين دول وايه حكاية البرج ده؟!
بص لي الراجل وبعد كده بص لمدحت اللي كان قاعد مرعوب طبعًا وبعد كده بص لي تاني..
-هحكيلك.. البرج ده كان مقفول اديله شهور.. وقفلته دي كانت بسبب كارثة حصلت فيه.. والكارثة بدأت لما في يوم المنطقة كلها صحيت على وجود تلات جثث لتلات اطفال في الشقة اللي في الدور العاشر.. والتلات أطفال دول قالوا إنهم كانوا مختفيين بقالهم أيام، واخر مرة اتشافوا فيها كانوا بيلعبوا على السلم ناحية الدور العاشر اللي كان ساكن فيه راجل عجوز عايش لوحده.. واللي خلى الناس يقولوا إن العيال ممكن يكونوا في الشقة دي، او الراجل اللي فيها هو اللي عمل فيهم حاجة، إن الدور ده كان اخر دور ساكن في البرج، بقية الابراج ماكانتش لسه اتبنت، وكمان لأنه كان راجل تملي ساكت وغريب… ف لما شكوا فيه وخبطوا على باب شقته ولقوا انه مابيفتحش، اتصلوا بابن صاحب البرج اللي مسؤول عن كل حاجة لأن ابوه برة مصر.. لكنه ماكنش بيرد، فالناس بلغوا البوليس اللي جه وكسر الشقة عشان يلاقوا جواها جثث التلات عيال مقتولين ومحطوطين جوة اكياس بلاستيك كبيرة، من اللي هي اكياس الزبالة السودة دي.. وقتها الدنيا اتقلبت واهالي العيال اللي ماتوا دول اتخانقوا مع ابن صاحب البرج.. وده ليه بقى، لأن الراجل اللي كان ساكن في الدور العاشر، يبقى عمه.. يعني اخو صاحب البرج.. وخليني اقولك كمان إن خناقهم معاه ماجابش اي نتيجة لأن الراجل ماكنش له أي أثر.. وفضل كده لمدة أيام، ظهر بعدهم في حوش البرج بس وهو ميت.. كان مدبوح، وساعتها كل الشكوك راحت ناحية اهالي العيال، الناس كلهم قالوا إنهم دوروا عليه وقدروا يلاقوه، ولما لقوه.. قتلوه ورموا جثته لابن اخوه في حوش البرج وهو ميت زي ما قتل عيالهم.. واهو.. كله كلام وماحدش قدر يثبته ولا يثبت عكسه، ولو هتسأل هو ليه قتل العيال من أصله، فانا هحكيلك حكايته زي ما حكاهالي ابن صاحب البرج قبل ما يبيعه بنص تمنه لراجل واصل اوي خده عشان يأجر شققه ويكسب منها.. وده طبعًا بعد ما كل السكان سابوا شققهم ومشيوا بسبب إنهم كانوا بيشوفوا وبيسمعوا حاجات غريبة بالليل… ابن صاحب البرج قال إن عمه ده كان راجل مجنون، هو يبقى عمه الكبير.. كان دراع جده اليمين، ومن بعد ما جده مات، الراجل ده اكتئب ودخل في حالة نفسية بسبب موت ابوه او جد ابن صاحب العمارة يعني، وده من ناحية، ومن الناحية التانية مراته اللي سابته وخدت منه ابنهم ورفعت عليه قضية خلع وكسبتها بسبب إنه بقى بيتصرف تصرفات غريبة معاها هي وابنهم، زي انه مثلًا كان بيضربهم او يزعق فيهم من غير اسباب لدرجة إنه في مرة كان هيموتهم، وكل ده كان لأن اخوه الصغير اللي هو يبقى صاحب البرج ده، استغل موت ابوهم وحزن اخوه عليه.. وخد مكانه في الشركة بتاعتهم وركنه على الرف زي ما بيقولوا.. وفضل الراجل على الحال ده لحد ما اتنقل لمصحة، قعد فيها فترة وبعد كده اخوه خرجه عشان سمعة العيلة بتاعتهم وعشان كلام الناس.. ووقت ما خرجه من المصحة، جابه وقعده في الشقة اللي في الدور العاشر دي لأنه كان لسه باني البرج جديد وكان مأجر اول سبع شقق فيه.. وبعد ما قعده في الشقة كتعويض يعني عن اللي عمله فيه، سافر الراجل برة مصر لأنه فتح فرع للشركة بتاعته في دولة اوروبية، وساب كل حاجة هنا لابنه اللي كان بيحاول يراعي عمه من وقت للتاني.. بس بعد ايه بقى، الراجل مع كبر سنه ووجوده في المصحة لفترة كبيرة وبُعد ابنه عنه بعد ما مراته اتجوزت وسافرت هي كمان، بقت نفسيته زي الزفت اكتر.. وابن صاحب البرج قال إن عمه راح له بعد ما الجثث اتلاقت بفترة.. راح له البيت وهو ماكنش موجود، ولما شاف مراته فضل يشتمها وقال لها إن ابو جوزها هو السبب في اللي وصل له، وقال كمان إنه قتل العيال لما حاول يلعب معاهم في شقته وهم رفضوا.. استدرجهم عيل ورا التاني لأنه كان شايف فيهم ابنه اللي مالحقش يربيه ولا لحق يشوفه وهو بيكبر قصاد عينه، ولما العيال رفضوا قتلهم وحطهم في اكياس وسابهم وهرب لما خاف لا يتفضح.. وقبل ما تقول ازاي شخص عاقل يفكر بالطريقة دي، فانا هقولك إنه كان مجنون.. كان بيتصرف تصرفات مافيش عاقل ممكن يتصرفها، ومع ظهور الراجل وقت ما أهالي العيال كانوا بيدوروا عليه، وقبل ما ابن اخوه يوصل له لأنه كان مشي تاني بعد ما قال لمراته كده.. تقريبًا اهالي العيال عرفوا يوصلوا له او هو حاول يدخل البرج بالليل، ووقتها حد من اهالي العيال لقاه ودبحه ورماه في الحوش لابن اخوه وكأنهم بكده بينتقموا منه.. اه ما هم ماكنوش يعرفوا إنه كان مجنون، هم كانوا فاكرين انه شخص عاقل بس منعزل وعايش لوحده.. واهو.. من بعدها البرج فضل مقفول لأن كل ما كانوا يحاولوا يجأروا اي شقة فيه، الناس ماكنوش بيقعدوا اكتر من ايام ويمشوا.. ودلوقتي جه حد واشترى البرج بنص تمنه ووضبه من الاول وبيقولوا إنه هيأجره.
لما الراجل خلص كلامه، طلب منه مدحت البنطلون، فالراجل جابهوله ولبسه، وبعد كده بص لي مدحت وقال لي إننا هنروح نقفل الباب ونمشي.. نسيب العدة ونمشي ونرفض الشغلانة كلها.. وفعلًا ده اللي حصل؛ احنا قفلنا الباب كويس وسيبنا العدة ومشينا، وتاني يوم.. روحنا الشركة وادينا المفاتيح لصاحب الشركة وقولنا له إننا مش هنكمل في الشغلانة دي حتى لو هنترفد.. وخليني اقولك إننا اتخصملنا بسبب إننا اعتذرنا عن الشغلانة مبلغ محترم، وبسبب كمان ان اتنين من زمايلنا راحوا اشتغلوا مكاننا.. وبرضه الاتنين اللي راحوا شافوا حاجات غريبة واعتذروا عن الشغلانة، ومن اتنين لاتنين لحد ما الشغلانة خلصت والتكيفات كلها اتصينت والبرج رجع يتسكن من تاني.. لكن برضه اللي سكنوه ماعرفوش يقعدوا فيه ايام، ورجع تاني مهجور لحد ما صاحبه قفله خالص وعرضه تاني للبيع.. ومع مرور الوقت والسنين وعدم بيعه.. راجل الأعمال اللي اشتراه بنص التمن، هده خالص وبنا مكانه برج اكبر وتحته محلات.. واهو.. الدنيا مشيت.. مشيت زي ما تملي بتمشي، وهتفضل تمشي حتى لو الاخ اكل حق اخوه زي ما عمل صاحب البرج القديم، او حتى اطفال بريئة ماتت بسبب شخص مختل كان اخوه وطمعه هو سبب في اختلاله..
(تلك القصة مستوحاه عن أحداث حقيقية، ولك كل الحق عزيزي القارىء في تصديقها من عدمه.. وفي النهاية، يتبقى من القصة متعة قرأتها والموعظة الحسنة..)